أثبتت الدراسات أن الاعتقاد السائد بأن تجاهل الوجبة الصباحية قد يخفض الوزن وبالتالي يصبح الكوليسترول في الدم في حدوده الطبيعية، اعتقاد خاطئ.
وعلى العكس من ذلك يمنح الفطور الصباحي للجسم الطاقة المناسبة، كما أكدت العديد من الدراسات أن تناول الإفطار في الصباح يقوي الصحة، وذلك لأنه أثناء النوم تنفذ المركبات الكيميائية الموجودة في أجسامنا مهماتها في هضم الطعام من الليلة المنصرمة. وبحلول الصباح يكون الإنسان متأهباً لـ"كسر الصيام" بعد فترة من الامتناع عن الطعام. ويكون مستوى سكر الدم الذي نحتاج إليه لتشغيل عضلاتنا وأمخختنا، في العادة واطئاً عند وقت الاستيقاظ، ويؤدي الإفطار إلى رفع مستواه.
ولكن إن حدث وأخفقنا في تناول وجبة الإفطار الأولى، كما يقول الدكتور ديفيد لودفيج الخبير في التغذية في مستشفى بوسطن للأطفال التابع لجامعة هارفارد، فإننا قد نشرع في استنفاد مواردنا من الطاقة، ومن ضمنها تلك الموجودة في داخل العضلات. ولا يؤدي هذا إلى الشعور بالتعب فحسب، بل ويزيد على الأكثر من الانجذاب في ما بعد إلى أي نوع من الغذاء غير الصحي لتناول قطعة منه أو أكثر، وبالتالي تناول طعام أكثر من اللازم.
وأوضح لودفيج أن كل المنظومة الجسم تصبح مجهدة، إذ إن عدم تناول الإفطار يؤدي إلى اضطراب الساعة البيولوجية من ناحية تنظيم امتناع الجسم عن الطعام وتناوله. ويعتبر الإخفاق في تناول الإفطار الصباحي أسوأ الإخفاقات، ولهذا السبب فإن تناول الطعام ولو بكميات قليلة خلال ساعة من الاستيقاظ هو فكرة جيدة.
ويصبح التزود بالطاقة في الصباح مهمّا جداً للأطفال والمراهقين على وجه الخصوص، الذين تكون عملية الأيض "التمثيل الغذائي" لديهم أنشط نسبياً مقارنة بالبالغين. إلا أن الكثير من الأطفال والمراهقين الأمريكيين لا يتناولون إفطار الصباح، طبقاً لما ورد بجريدة "أنباء الشرق الأوسط".
وقد أظهرت الاستطلاعات الصحية أن 20% من الأطفال و32% من المراهقين الأمريكيين لا يتناولون عادةً وجبة الإفطار. ولا يوجد مثل هذا النسق غير الصحي في الولايات المتحدة وحدها، كما لا يشمل المراهقين والأطفال الأمريكيين وحدهم، فقد أشارت مراجعة لكثير من الدراسات إلى أن ما بين 1.7% و30% من السكان في عدد من الدول المتقدمة صناعياً ومنها الولايات المتحدة لا يتناولون إفطارهم الصباحي بانتظام.
وقد ربطت الدراسات بين تناول إفطار الصباح المنتظم ومختلف الجوانب الصحية: تحسين الذاكرة، وتركيز الذهن، وخفض مستوى الكوليسترول منخفض الكثافة "LDL - الضار، وتقليل خطر السمنة، والسكري، وأمراض القلب. ومع هذا فإن من الصعب البرهنة على أن إفطار الصباح مسئول مباشرة عن كل هذه التأثيرات الجيدة.
وقد ركز عدد من الدراسات على مسألة الحفاظ على الوزن، حيث وجد الباحثون أن متناولي إفطار الصباح هم، في المتوسط، أنحف من غير متناولي الإفطار، أي أن وضع شيء ما من البروتينات والألياف أوائل الصباح في معدتك قد يكبح شهيتك أثناء النهار.
إفطار صحي
يقول الدكتور لودفيج وغيره من خبراء التغذية إن الإفطار الجيد يجب أن يحتوي على بعض من الكربوهيدرات، والألياف (الحبوب الكاملة، الفواكه، أو الخضراوات)، وبعض مصادر البروتينات غير الدسمة مثل، البيض أو اللبن الزبادي، وبعض الدهون الصحية مثل تلك الموجودة في المكسرات وسمك السلمون.
ويعتبر أومليت "عجة" البيض بالخضار مع قطعة محمصة من خبز الحبوب الكاملة إفطاراً جيداً، كما يعتبر إفطاراً جيداً أيضاً وعاء من رقائق الحبوب ذات الألياف العالية المطعمة بقطع من الفواكه الطازجة والحليب المنزوع الدسم أو حليب الصويا مع حفنة من اللوز أو الجوز.
وجبة الإفطار تبعدك عن شبح السمنة
أكدت دراسة تايوانية حديثة أبرزت دور استهلاك وجبات الفطور في الوقاية من السمنة، مؤكدة أن إهمال تلك الوجبات الصباحية قد يؤثر سلباً على نوعية الحياة للأفراد، فيما يختص بالجانب الصحي.
وشملت الدراسة التي أعدها باحثون من جامعة تايبيه الطبية ما يزيد عن 15 ألف شخص، من المشاريكن في إحدى المسوح الصحية الوطنية التي أجريت في تايوان خلال عام 2005.
وقام فريق البحث بتحديد الأشخاص الذين لا يتناولون وجبات الإفطار، طبقاً لما ورد بوكالة "القدس برس" الأثنين، وهم الذين لا يتجاوز معدل تكرار استهلاكهم لوجبات الإفطار عن مرة أسبوعياً. كما تم تصنيف الحلات المصابة بالبدانة بين أفراد العينة، وهى التي بلغ معامل الكتلة للجسم (IBM) لديها 27 أو يزيد، بالإضافة إلى ذلك تم تقييم نوعية الحياة المرتبطة بالصحة عند جميع المشاركين.
وبحسب نتائج الدراسة التي نشرتها الدورية الدولية للسمنة الصادرة لشهر إبريل من عام 2010، ارتفعت مخاطر نشوء السمنة بين الأشخاص الذين لا يتناولون وجبات الإفطار، حتى عند ضبط عدد من العوامل الهامة مثل السن، نوع الجنس، المستوى التعليمي، الحالة الاجتماعية، الدخل الشهري، وغيرها.
ووفقاً لما أوضح الباحثون، انخفضت نوعية الحياة من الناحية الصحية عن الأشخاص الذين يتناولون وجبات الإفطار، ومن وجهة نظرهم، تدعم نتائج الدراسة الأخيرة وجود دور محتمل لتناول وجبة الفطور في الوقاية من السمنة.
كما أكد فريق من الأطباء التشيك أن عدم تناول الفطور يمنع استجابة الجسم بالشكل المطلوب لمادة الأنزولين الموجودة فيه وبالتالي ترتفع نسبة الكولسترول، وأن هذه الوجبة مهمة جدا من أجل إمداد الجسم بربع الطاقة أي 20 إلى 25% من الطاقة اللازمة.
وأشارت الطبيبة ريناتا مارتينكوفا المشرفة على الدراسة، إلى أن اَلية سير عمل الجسم تحتاج إلى تفسير من أجل وضع خطة تناسب هذه الآلية، لذلك تبين أنه لا بد من الانتباه إلى أمور عديدة في مجال مراعاة تنظيم إمداد الجسم بالطاقة التي يحتاجها من أجل قضاء يوم عمل طبيعي دون أي إشكالات.
وأكدت أنه من الخطأ الاكتفاء بتناول وجببتين كبيرتين خلال النهار بل يجب توزيع كمية الطعام بالشكل المناسب، لذا من الضروري إعطاء الجسم خلال النصف الأول من النهار طاقة يومية يحتاجها وتصل إلى 60% ويصرفها لأنه يكون في كامل نشاطه، أما مدة ما بعد الظهيرة والمساء فلا يحتاج لنفس الطاقة فيقوم الجسم بتحويل الطعام إلى فائض يتكدس في الجسم مسبباً البدانة.
وتحمي الأطفال من تسمم الدم
كما أكد خبراء التغذية أن وجبة الإفطار أهم وجبة في اليوم، لأنها توفر للجسم نحو 30% من المواد الغذائية التي يحصل عليها طوال اليوم، حيث أن نوعية الأغذية المقدمة في هذه الوجبة تلعب دوراً كبيراً في عمل كل أجهزة الجسم.
فالأطفال والكبار الذين لا يتناولون وجبة إفطار كافية وجيدة من حيث النوعية يكونون أقل قدرة علي الأداء ويظهر ذلك في شكل قلة التركيز وصعوبة التذكر.
وفي إطار اهتمام الأطباء بوجبة الإفطار، عثر العلماء على فائدة جديدة لتناول وجبة الفطور في الصباح الباكر، فقد قادتهم الأبحاث إلى أن هذه الوجبة التي يُعرف عنها قدرتها على الحد من تزايد الوزن وكذلك تزويد الجسم بالسعرات الضرورية لبدء يوم العمل - يمكنها أيضاً الحماية من التسمم بمعدن الرصاص، وخاصةً لدى الأطفال.
وأشارت الدراسة التي نشرتها مجلة "الصحة البيئية"، إلى أن العلماء أجروا مسحاً للأوضاع الصحية في بعض مناطق الصين التي تعاني مستويات مرتفعة من التلوث، حيث أظهر أن الأطفال الذين تناولون وجبة الفطور يتراجع تركيز الرصاص في دمائهم بنسبة 15% مقارنة بنظرائهم الذين لا يحرصون على هذه الوجبة.
وأكدت الدراسة التي استمرت لستة أشهر أن نقص الطعام في الجسم بالساعات الأولى من النهار يزيد من قدرة الدم على امتصاص الرصاص.
وأعادت الدراسة الأمر إلى أن الجسم يمتص المعادن من الغذاء بحسب أهميتها، فتكون الأولوية للكالسيوم والفوسفيت، ولكن في حال غيابهما بسبب عدم الحصول على الوجبة الصباحية، فإن الجسم سيكون أكثر استعداداً لامتصاص كميات كبيرة من الرصاص.
وأوضحت الدرسة أن المصادر الأساسية للتلوث بالرصاص هى الاحتكاك بالدهان والصباغ الذي يحتوي على هذا المعدن، حتى بعد جفافه، وشرب المياه من أنابيب ومضخات قديمة مصنوعة من الرصاص، أو استخدام آنية الطعام التي يدخل هذا المعدن في تركيبها، إلى جانب بعض المستحضرات التجميلية مثل الكحل.
ولكن يبقى عامل أوسع انتشاراً، وهو البنزين الذي يحتوي على الرصاص، وما زال هذا الوقود يستخدم على نطاق واسع في الكثير من الدول النامية.
وبحسب الدراسة، فإن أولياء الأمور الذين يتمتعون بمستويات تعليمية عالية أو وظائف مرموقة كانوا أكثر وعياً لفوائد وجبة الفطور، وحرصوا على تقديمها لأطفالهم بشكل متواصل.
وتبعدك عن الموت المفاجئ
كما أفادت دراسة حديثة بأن إهمال وجبة الإفطار قد يتسبب في الموت المفاجئ، بينما تناول وجبة خفيفة في الصباح ربما يقلل الإصابة بالسكتة القلبية.
وأوضحت الدراسة أن خطورة اهمال وجبة الافطار يؤدي إلى ارتفاع معظم حالات السكتات القلبية والجلطات المسببة للوفاة في ساعات الصباح الأولي، حيث تكون الصفائح الدموية في ذلك الوقت أكثر نشاطاً وتميل الي تشكيل تجلطات وتخثرات دموية, في حين أن تناول القليل من الطعام صباحا ربما يقلل من نشاط تلك الصفائح حيث تندفع كمية كبيرة من الدم الي المعدة لاتمام عملية الهضم.
وأشار الدكتور فايز فائق أستاذ الأمراض القلبية، إلى أن إهمال وجبة الإفطار لا يؤدي بالضرورة إلي الوفاة, وإنما هناك أسباب أخري تؤدي إلي ذلك ينبغي التعامل معها بوعي وحرص شديد, حيث يجب على مرضي القلب تناول افطار خفيف وقليل الدسم يتكون من طبق صغير من الفول وقطعة جبن قريش وبيضة مسلوقة، كذلك يمكن تناول الزبادي والعسل والخبز الأسمر وقطع من الفواكه مع البعد تماماً عن الأكلات الدسمة والتوقف عن التدخين وتقليل كميات الملح المستخدمة في الطعام, وممارسة رياضة المشي يومياً.